TOKYO, May 27 (News On Japan) - الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يتهم اليابان مجددًا بأنها تتعمد إضعاف الين لتعزيز صادراتها، مدعيًا أن الحكومة اليابانية توجه العملة نحو الانخفاض في خطوة تُذكّر باتفاق بلازا لعام 1985.
تجدد تركيز ترامب على أسعار الصرف أعاد تسليط الضوء على إمكانية ظهور "اتفاق بلازا 2.0"، رغم أن الخبراء ما زالوا يشككون في مدى إمكانية تحقيقه.
وفقًا لترامب، فإن اليابان تدفع عمدًا نحو إضعاف الين لإعطاء صادراتها ميزة في الأسواق الخارجية. ومن وجهة نظره، فإن ذلك يفاقم العجز التجاري الأمريكي ويقوّض قطاع التصنيع داخل الولايات المتحدة. لكن كثيرين في اليابان يرون واقعًا مختلفًا، إذ يعاني المستهلكون هناك من ارتفاع أسعار الواردات، مثل دفع حوالي 190 ينًا لزجاجة كوكاكولا بحجم 500 مل، ويعتبرون أن انتقادات ترامب لا تعكس الوضع الاقتصادي الفعلي.
الهدف الأوسع لترامب يبدو أنه يتمثل في إضعاف الدولار الأمريكي. فهو يعتقد أنه إذا انخفضت قيمة الدولار، فإن الصادرات الأمريكية سترتفع، مما يساعد في إنعاش الصناعات المحلية وتقليص العجز التجاري. هذا المنطق يشبه تأثير ضعف الين على المصدرين اليابانيين، وأصبح محوريًا في خطاب ترامب حول إنعاش الاقتصاد من خلال السياسات الحمائية.
مع ذلك، يحذر العديد من الاقتصاديين من أن الاقتصاد العالمي لم يعد يعمل بطريقة تجعل مثل هذه الاستراتيجيات سهلة التطبيق. فالدولار الضعيف قد يؤدي إلى تضخم مرتفع ويقوّض الثقة الدولية. بالإضافة إلى ذلك، إذا واجه الشركاء التجاريون ركودًا اقتصاديًا أو ردوا بإجراءات انتقامية، فإن الصادرات الأمريكية قد تتضرر رغم الميزة التي توفرها أسعار الصرف.
السابقة التاريخية التي يشير إليها ترامب، وهي اتفاق بلازا عام 1985، كانت جهدًا منسقًا بين الاقتصادات الكبرى لخفض قيمة الدولار. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع حاد في قيمة الين، مما ألحق ضررًا بالصادرات اليابانية وساهم في ركود اقتصادي داخل اليابان. أما الآن، فإن رؤية ترامب لاتفاق جديد يُطلق عليه اسم "اتفاق بلازا 2.0"، بل وهناك تكهنات بأنه قد يُعقد في منتجع مارالاغو التابع له.
لكن المحللين الماليين يرون أن مثل هذه النتيجة غير مرجحة. إذ يتطلب التوصل إلى اتفاق متعدد الأطراف تعاونًا دوليًا قويًا، وهو ما يفتقر إليه العالم حاليًا. وحتى إذا تحقق مثل هذا الاتفاق، فإن النتيجة المرجحة ستكون فترة طويلة من ارتفاع قيمة الين، وهو ما قد يضر بقطاع التصدير الياباني، ويقلل من الطلب المحلي، وربما يدفع البلاد إلى العودة نحو الانكماش الاقتصادي.
تعتمد خطة ترامب على اعتقاد بأن الولايات المتحدة يمكن أن "تربح" من خلال إضعاف عملات شركائها التجاريين. لكن في اقتصاد عالمي مترابط بشدة مثل اليوم، فإن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى عواقب غير مقصودة. وإذا انخفض الطلب العالمي أو طُبّقت تدابير انتقامية، فقد تجد الولايات المتحدة نفسها في وضع أسوأ بدلًا من الاستفادة.
ومع إظهار ترامب نفس الحزم الذي ميز ولايته الأولى، يبدو عازمًا على اتباع نفس السياسات الاقتصادية إذا عاد إلى الرئاسة. وما إذا كان من الممكن إبرام اتفاق جديد مشابه لاتفاق بلازا، أو ما إذا كان سينجح في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، يبقى أمرًا غير مؤكد. في الوقت الراهن، يراقب المسؤولون اليابانيون وقادة المال العالميون الوضع عن كثب، على أمل تجنب أي اضطرابات كبرى.
اتفاق بلازا لعام 1985 كان اتفاقًا تاريخيًا بين خمس دول صناعية كبرى—الولايات المتحدة، اليابان، ألمانيا الغربية، فرنسا، والمملكة المتحدة—للتدخل المشترك في أسواق الصرف الأجنبي بهدف خفض قيمة الدولار الأمريكي مقارنة بالين الياباني والمارك الألماني. عُقد الاجتماع في فندق بلازا في مدينة نيويورك في 22 سبتمبر 1985، وجاء بدافع القلق المتزايد إزاء العجز التجاري الكبير للولايات المتحدة وارتفاع قيمة الدولار، الذي ارتفع بشكل حاد منذ أوائل الثمانينيات. هذا الدولار القوي جعل الصادرات الأمريكية أكثر تكلفة وأقل تنافسية عالميًا، بينما أصبحت الواردات أرخص، مما زاد من عجز الحساب الجاري الأمريكي. وفي الوقت نفسه، كانت دول مثل اليابان وألمانيا الغربية، التي تمتلك فوائض تجارية كبيرة، تحت ضغط من الولايات المتحدة للإسهام في تصحيح الاختلالات العالمية.
جاء اتفاق بلازا في سياق سياسات اقتصادية في أوائل الثمانينيات، خاصة مزيج إدارة ريغان من السياسات المالية التوسعية—من خلال تخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق العسكري—وسياسة نقدية مشددة بقيادة رئيس الاحتياطي الفيدرالي بول فولكر، والتي رفعت أسعار الفائدة وجذبت رؤوس الأموال الأجنبية. أدى ذلك إلى ارتفاع كبير في قيمة الدولار، حيث بلغ في عام 1985 ما يقارب ضعف مستواه في عام 1980. وقد واجه المصنعون الأمريكيون، خصوصًا في قطاعات السيارات والإلكترونيات، صعوبات في التنافس مع الواردات اليابانية والألمانية، ما زاد من الضغط السياسي على الحكومة لاتخاذ إجراء. غيرت إدارة ريغان، التي كانت تؤيد سابقًا أسعار صرف تحددها السوق، موقفها وبدأت مناقشات مع الحلفاء الرئيسيين لتصحيح سعر صرف الدولار.
خلال اجتماع فندق بلازا، أعلن وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية للدول الخمس عن استراتيجية منسقة لخفض قيمة الدولار عبر التدخل الجماعي في أسواق العملات. البيان، رغم قصره، كان قويًا، وأظهر تفاهمًا مشتركًا بأن أسعار الصرف يجب أن تعكس بصورة أفضل الأسس الاقتصادية، وأن الدولار الأضعف سيكون في مصلحة الاستقرار العالمي. بعد الاتفاق، بدأت البنوك المركزية ببيع الدولار وشراء عملات أخرى، خاصة الين والمارك الألماني، مما شكّل لحظة نادرة من التعاون الدولي في سياسات أسعار الصرف.
وكان تأثير اتفاق بلازا سريعًا وكبيرًا. خلال العامين التاليين، انخفض الدولار بأكثر من 40٪ أمام الين، مما غيّر بشكل كبير تدفقات التجارة والأسواق المالية. بالنسبة لليابان، أدى ارتفاع قيمة الين بسرعة إلى تراجع كبير في تنافسية صادراتها، ما دفع الحكومة إلى تبني إجراءات تحفيزية محلية لتعويض التباطؤ. وأسهمت هذه السياسات، إلى جانب الظروف النقدية الميسرة، في تكوين فقاعة أسعار الأصول في اليابان في أواخر الثمانينيات. أما في الولايات المتحدة، فقد ساعد الدولار الأضعف إلى حد ما في تقليص العجز التجاري، لكنه أيضًا تسبب في ارتفاع أسعار الواردات وزيادة الضغوط التضخمية.
وبالنظر إلى الوراء، غالبًا ما يُنظر إلى اتفاق بلازا كمثال نادر على تنسيق ناجح للسياسات الدولية، رغم أن نتائجه طويلة الأمد كانت متباينة. فعلى الرغم من أنه خفف مؤقتًا من التوترات التجارية وساعد في استقرار الدولار، إلا أنه أظهر أيضًا مدى صعوبة إدارة الترابط المعقد في الاقتصاد العالمي. وبالنسبة لليابان بشكل خاص، مهّد الاتفاق الطريق لفترة من التقلبات الشديدة بين الازدهار والانكماش.
Source: Kyodo